عصر ملوك الطوائف
عصر ملوك الطوائف
عصر ما قبل ملوك الطوائف:
ملوك الطوائف – وكما يبدو من الاسم – يعبر عن الفرقة والانقسام, التي سادت الأندلس قبيل سيطرة النصارى الإسبان عليها مطلع القرن العاشر الميلادي سيطرة كاملة، وقد ظلت الأندلس قوية متماسكة، ونقصد هنا إسبانيا الإسلامية التي فتحت في نهاية القرن الأول الهجري، وازدهرت بقيام الدولة الفاطمية فيها على يد صقر قريش عبد الرحمن الداخل، ولم تعرف الأندلس سوى الفقه والعلم والجهاد والآداب طوال ثلاثة قرون، وحتى بزوغ نجم المنصور بن أبي عامر القحطاني, الذي كان مجرد كاتب رقاع أمام قصر الخليفة في الزاهرة، ثم إنه دخل القصر وارتقى في المراتب، وحظي بثقة الخليفة الأموي، حتى أرسله في المهام الصعبة التي لم تكن إلا لخواص رجاله.
المنصور بن أبي عامر هذا غزا نحو خمسين غزوة, بعد هيمنته على هشام المؤيد الخليفة العاجز عن أي فعل وأمه صبح، ومع كل هذا يعتبره بعض المؤرخين سببا من أسباب ظهور عصر ملوك الطوائف، وذلك أنه كان رغم كونه عادلا مستبدا، ولم يكن ولده المظفر من بعده ولا بقية أسرته من القوة والعصبية بالمكان, الذي تستطيع به السيطرة على عموم الأندلس؛ فظهرت الثورات في كل مكان, وانتفضت الدولة وتقسمت، واستأثرت كل أسرة بمدينة، وسُمِّي هذا العصر عصر ملوك الطوائف.
في إشبيلية كان هناك بنو عباد, وأشهر ملوكهم المعتمد بن عباد، وفي غرناطة حكم بنو الأحمر، وفي قرطبة أسرة أخرى وفي طليلطة كذلك، وهنا انشغلت كل أسرة من ملوك الطوائف بالأخرى فحاربتها، واتسع الخرق على الراقع، وسادت الفرقة، حتى طمع الإسبان النصارى في عودة ملكهم مرة أخرى والثأر من العرب، وطرد المسلمين من أيبيريا، وتتابعت هجماتهم على ملوك الطوائف، ومن العجيب والمثير للخزي أن ملوك الطوائف بدؤوا يستنصرون بالنصارى على بعضهم البعض, حتى شرعوا يأكلون مدن الأندلس واحدة تلو الأخرى.
زرياب وملوك الطوائف:
هناك أسباب أخرى أدت إلى هذا، أولا: أن الله غالب على أمره؛ فهو قد جرت سنته – تعالى – على أن بداوة الدولة وتقشفها وبعدها عن الغرق في الملذات والشهوات يمنع غيرها من إسقاطها؛ لأن أهلها منشغلون عن الشهوات بدولتهم، وطبيعة الافتراس في أهل البداوة أقوى من أهل النعيم، كذلك انتشرت مجالس اللهو والغناء، وعزا الدكتور الصلابي المفكر الإسلامي الليبي إلى (زرياب) الموسيقار الشرقي القادم من بغداد دورا كبيرا في إفساد المجتمع الأندلسي, والتعجيل بظهور ملوك الطوائف، وانهيار الدولة؛ فقد قدم زرياب من الشرق من بغداد بعدما كسدت صناعته فيها، وعلم أهل الأندلس الغناء فشغلهم عن الجهاد، وتعلقت قلوبهم بالنساء والجواري، كما أنه علمهم من شؤون الملابس والكساء وفنون العيش المنعم ما كانوا في غنى عنه، وكانت قلوبهم متعلقة بالعلم والفقه والجهاد؛ فتحول أغلبهم إلى نفسه فانشغل بها، وهنا تضافرت المطامع والصراعات الداخلية مع هذه النفوس التي مرضت ليصل الضعف مداه، فتظهر المشكلات ويتسرب الصراع وتظهر ملوك الطوائف كنتيجة طبيعية لكل ذلك.
مسلسل ملوك الطوائف:
ملوك الطوائف أيضا مسلسل تليفزيوني يحكى كثيرا من جوانب هذا التاريخ، الذى يتردد صداه إلى الآن؛ فأينما وجدت الانشقاق استرجع المسلمون ذكرى ملوك الطوائف، ومتى ظهر الخلاف تذكروا ملوك الطوائف؛ فأي ملوك هم أضعف من ملوك الطوائف.