استشهاد عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب :عاش ثلاثا وستين سنة، دخل الإسلام في السنة السادسة من البعثة، وكان شابا فتيا قويا مهابا في قومه فصيحا, ويروى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا وقال :اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين؛ عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام، فكان عمر, وأصبح عمرو بن هشام فرعون هذه الأمة ولقب بأبي جهل.
لم يكن إسلام عمر حدثا عاديا، فقد كان يتعصب لملة قومه، ويكره دعوة النبي (ص) إلى أن كان إسلام أخته فاطمة وزوجها سعيد سببا في دخوله الإسلام، وبعد إسلامه لم يعد المسلمون يخافون بأس المشركين، وأعلنوا عن أنفسهم، وصفهم النبي (صلى الله عليه وسلم) صفين, وجعل عمر بن الخطاب على رأس صف، وعمه حمزة على الصف الآخر؛ فلم يستطع أحد من المشركين أن يقترب منهم أو يؤذيهم، ودخلوا البيت الحرام وصلوا فيه, وقال المسلمون في عمر: كان إسلامه عزا وهجرته فتحا.
ومن مناقبه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لقبه بالفاروق؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل، وكان يقول له بعد الهجرة: لله درك يا ابن الخطاب، ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غيره.
كانت أبعاد شخصية عمر, ونشأته الشديدة, وقوته الجسدية, وطول الفارع, وفصاحته, وهيبته هي المحدد الأول لرحلة حياته وتطورها.. بدءا من سفارته لقريش في الجاهلية وتجارته في رحلتي الشتاء والصيف، وعدائه للإسلام، ثم إسلامه وجهاده وشأنه في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم, وتعيينه قاضيا ومستشارا في عهد أبي بكر, ثم خلافته التي ضرب بها المثل كنموذج مثالي واقعي على العدل والمساواة والخشية الكاملة من الله.
عمر بن الخطاب تولي الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه؛ فأرسل الجيوش لفتح الشام والعراق ومصر وفارس، ولكن أعظم هذه الفتوح، وأبعدها أثرا في التاريخ الإسلامي على العرب كقومية وعلى عمر كأحد عناصر هذه القومية (لا تقصد هنا الشعوبية) هي فتح فارس؛ إذ كان الفرس عتاة في الحرب, وأشد عتادً ومكرا، حتى إن كسرى ملكهم مزق رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم له.
إن فتح فارس في التصور الإسلامي هو جهاد طلب كان على عمر بن الخطاب أن يتمه، وأن يسعى إليه ولم يباشره بنفسه، إنما كان لشخصيته الإدارية وتوجيهه المباشر للجيوش – وهو بالمدينة يدبر أمر الدولة و يدون الدواوين – الأثر الأكبر في دفع جحافل المسلمين والعرب باتجاه فارس (إيران حاليا), وعمر بن الخطاب يكره الكفر، وكان المجوس هم سكان فارس وأصحاب قوتها, التي استمرت تغذى الفتن الكبرى, وإلى الآن في الدولة الإسلامية والعالم الإسلامي, كجزء من مسلسل انتقام من عمر بن الخطاب, والعرب الذين أذلوهم وفتحوا بلادهم.
عمر بن الخطاب لم يكن جبانا ولا يخشى إلا الله، فكان ينام تحت ظل شجرة مختبئا ببردة قديمة، وكان حريصا على صلاة الفجر وقيام الليل؛ فكان لا ينام لا ليلا ولا نهارا إلا قليلا، واستمر عمر على هذا المنوال فحاكت له الفرس المؤامرة الأشهر، وكان المنفذ العملي لهذه المؤامرة هو أبو لؤلؤة المجوسي الذي توعد عمر بقوله: لأصنعن لك يا عمر رحي يسمع بها المشرق والمغرب، وتسلل إلى داخل المسجد حتى صار خلف عمر مباشرة، وبعد أن سجد انقض عليه, وطعنه عدة طعنات مزقت إحداها أسفل بطنه, ونزف حتى الموت, وقبل أن يموت صلى وأوصى, وجعل الخلافة شورى في ستة نفر من خيار المسلمين، ولكن الفتن لم تتوقف بعد استشهاد عمر بن الخطاب.
لا تنسى الاشتراك في القائمة البريدية لجامعة المنح.