الأندلس.. التاريخ ومحاكم التفتيش
فتح الأندلس:
الأندلس القديمة أو شبه جزيرة أيبيريا تقع في الجزء الجنوبي الغربي من قارة أوربا, وتطل على المضيق الفاصل بين البحر المتوسط وبحر الظلمات, الذي سُمِّى الآن المحيط الأطلنطي, وقد سكن شبه الجزيرة الأيبيرية شعب يسمَّى الفاندال أو القوط, وهم قوم شرسون بطبعهم في أعمال الحرب, وكانت أعدادهم قبيل الفتح الإسلامي تقدَّر بمئات الآلاف, وقد نصح عقبة بن نافع ملك طنجة بعدم غزو القوط, حتى جاء موسى بن نصير وطارق بن زياد؛ فعبر المضيق الذي سمي فيما بعد بمضيق جبل طارق تحمل سفنهم والجند إلى الشاطئ الأوربي, ونجحت الغزوة وفتح القائد مساحات شاسعة من الأرض, وكان ذلك سببًا في انتشار الإسلام, وبقاء الحكم العربي واللغة العربية عليه لما يقرب من ثمانية قرون.. دُرِّس فيها الفقه والشرع واللغة العربية, والشعر حتى شدا به الطير.
مجد الأندلس:
واستمر الوجود العربي تحت راية الخلافة الأموية, حتى ضعفت أيام هشام المؤيد, وسيطر عليها المنصور بن أبي عامر القحطاني الذي غزا نحو 50 غزوة ومات, وعز الإسلام يرفرف برايته على الأندلس, لكن بموت المنصور بن أبي عامر قامت ثورة عارمة على أبنائه في جميع انحاء الأندلس.
انهيار الأندلس:
تشرذمت الأندلس ووقعت فجأة في عصر ملوك الطوائف, واستأثرت كل أسرة بمدينة أندلسية وما يحيط بها, وتمتعت بامتيازات الحكم فيها, وتقاتلت فيما بينها, وازداد ضعفها, وبدأ العدو الإسباني في الشمال في العدوان عليها وإسقاطها مدينة وراء أخرى, حتى لم يبقَ إلا ملوك بني الأحمر في غرناطة؛ فحاصر الإسبان المدينة, وأجبروا آخر ملوكها على التنازل عن العرش, والاستسلام ومغادرة الأندلس كلها.
محاكم التفتيش:
بقي المسلمون في الأندلس يمارسون عباداتهم خلال سنوات قليلة معدودة بعد انهيار الحكم الإسلامي في الأندلس, ثم بدأ التضييق الشديد والتحرش, وانتهى الأمر بقيام محاكم التفتيش, وملخص الأمر أن محاكم التفتيش عبارة عن محاكم صورية, أقامها المسيحيون المتعصبون في الكنائس والأديرة للتنكيل بالمسلمين, وقتلهم وتعذيبهم في مشاهد جماعية, كشفت عنها الحفريات الحديثة, وسجلت في مخطوطات وآثار متناثرة.
وفي العصر الحديث – وخلال تجديد إحدى الكنائس – عثر على قبور جماعية تحوي مئات الجماجم, تعود لمسلمين عذبوا لإجبارهم على ترك الإسلام والتنصر.
أندلس أخرى:
في كل بقعة من بقاع الارض الآن توجد أندلس أخرى, تقام فيها محاكم التفتيش, ويعذب فيها المسلمون, وتصادر حقوقهم, ويلقون أشد العذاب, ويقتلون حرقًا, ويغرقون ويصلبون, ويضربون حتى الموت.
قانون الله وناموسه في الأرض أن القوي يغلب الضعيف, أمَّا العقيدة والجزاء الحسن ففي الآخرة وعند المعاد, أما والحق كذلك فإن المسلمين هم لا غيرهم من يتحمل نتيجة ما وصلوا إليه, وما يعانونه من أسباب الهزيمة, وعليهم أن يدركوا أن الأندلس تتكرر كل يوم, وفي كل بقعة من بقاع الأرض كان للمسلمين فيها مئذنة, أو خفق عليها ذات يوم لواء الله, في كل ركن أندلس, وفي كل مكان تسقط أندلس.
لا تنسى الاشتراك في القائمة البريدية لجامعة المنح كي تبقى على اطلاع بكل جديد .