الانترنت وحرية التعبير
إن الإنترنت فضاء حر وهو من النتائج الهامة التي أفضى اليها الدماغ البشري التي تستطيع أن تعبر كما تشاء وبالطريقة التي تراها مناسبة لك ضمن السياق الانساني الأخلاقي التي ستعطي المجتمع البشري دفقة تفاعلية انسانية لكي نكون أسعد وأفضل علماً وأخلاقيا واجتماعياً.
فالخصوصية الفردية ترتبط بشكل مباشر مع قضية حرية الرأي والتعبير.
الإنترنت هو الوسيلة للإفلات من أية رقابة مباشرة، بالنظر لعدم وجود إدارة مركزية لها. هذه الحقيقة تفسح بالمجال للكثير من الحريات، وفي الوقت ذاته تطرح عدداً من الأسئلة الجديدة مثل: هل هو مباح على شبكة الإنترنت أن يقول الإنسان مايشاء دون قيود؟
وإذا لم يكن الأمر هذا مباحاً، فأين هي الحدود المسموح بها، ومن يضع تلك الحدود؟ هل من الصواب وأنت تبحث في شبكة الإنترنت أن تصادف أية مادة جرى نشرها مهما كانت ؟ وإن لم يكن هكذا، هل يتوجب حينذاك أن يتم تحديد ما هو مسموح وما هو غير مسموح نشره من المعلومات، ولمن نمنح ثقتنا ليقوم بهذا العمل؟
حرية التعبير عن الرأي هنا يتوجب أن يجري لها تدقيق على المستوى العالمي.
وبالنظر للإختلاف الكبير في مفهوم الحرية وفي المعتقدات الدينية والقيم والمعايير الأخلاقية في كل بلد، لذلك تتضارب المصالح والآراء عند النقاش في الإنترنت حول مفهوم حرية التعبير عن الرأي.
تقلق الحكومات بسبب نقص وسائل التحكم بالفضاء الإلكتروني. ويجري عمل جدي لسن قانون دولي جديد يتوافق مع المعطيات الحالية. وكمثال على هذا نذكر
“الاتفاقية الأوربية لمكافحة الإجرام الإلكتروني”. وذلك لتحديد أي
النشاطات الإلكترونية تعتبر جرماً يعاقب عليه القانون، وأيضاً يمكن
ملاحقة المخالفين قضائياً في الإطار الأوربي. وأحد المواضيع التي نوقشت في اتفاقية الجرائم الحاسوبية هو التصدي لنشر الصور الإباحية للأطفال عبر الإنترنت. وفي العديد من بلدان العالم فتح خط ساخن لمتصفحي شبكة الإنترنت للإعلام عن أي موقع يعرض ما يخالف المحظورات.
في حالة الصور الإباحية للأطفال يعتقد الجميع بوجوب بذل مكافحة فعالة لها. لكن في المجالات التي يسمح للكبار بتصفحها ، وفي مواضيع أخرى مثل التمييز العرقي والتفرقة العنصرية أو القدح والذم، هي من المجالات التي يصعب بمكان التحديد مسبقاً ما هي الحدود التي لايسمح بتجاوزها.
إن التحكم الفعال بالمواد المنشورة على الإنترنت والتي تخالف القوانين المحلية ليس سهلاً كما يبدو.
والأمثلة كثيرة لأن قوانين الولايات المتحدة
الأمريكية تسمح أكثر للتعبيرات العنصرية عن طريق الكلمة والكتابة.. هذا الأمر قاد إلى منع مجموعة كبيرة من مقدمي خدمات الإنترنت من الوصول إلى أجزاء
رئيسية من شبكة الإنترنت.
في البلدان التي تعتبر فيها حرية الرأي والتعبير مصانة ولو بطريقة أخرى، يُنظر إلى الإنترنت كتهديد للنظام القائم. ففي عدد من الدول الإسلامية مثل سورية والبحرين والإمارات العربية والسعودية واليمن وتونس وإيران، يتم التحكم بالإنترنت عبر أجهزة الكومبيوتر التي تشرف عليها الدولة، وبالتالي يمكنها التحكم ومراقبة المواطنين أيضاً. هذه الحواسب المركزية
يمكنها أن تعمل كمرشحات أيضاً، حيث أجزاء كبيرة من شبكة الإنترنت تبقى خارج متناول المتصفحين. التفسير الرسمي لهذه الفلترة هو السعي لحجز المواقع التي تتناقض مع قيم وأخلاق المجتمع. ولكن في الواقع العملي نجد أن المواد المحظورة هي تلك التي تتعلق بانتقاد الحكومة أو المتعلقة بالشؤون السياسية، أو التي تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك البلدان. ولكن أيضاً هناك بلدان أخرى غير إسلامية تسعى للسيطرة على حركة المعلومات عبر الإنترنت، ومراقبة نشاطات مواطنيها بطرق مختلفة. ففي بلدان
مثل الهند والصين وسنغافورة بات من المعلوم أنها تراقب بطريقة فعالة النشاطات الفردية عبر الإنترنت.
من منطلق أن التدابير الوطنية لا تنسجم مع الطبيعة العالمية لشبكة الإنترنت، سعى القادة الصناعيون لتقديم مقترحات لإنشاء نظام تحكم عالمي في محتويات شبكة الإنترنت لحماية الأطفال، مع الحفاظ على حرية الرأي والتعبير. ولكن هذا الطرح أقلق المدافعين عن قيم الحرية حيث عبر أعضاء من الحملة العالمية لحرية الإنترنت بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان عن قلقهم من نظام التحكم هذا للمحتويات الضارة وغير الرسمية للشبكة. لأنه، ووفقاً لهيومان رايتس ووتش فإن نظاماً من هذا النوع للتحكم يجب أن يحظى
بموافقة الحكومات وتمكينها من استعمال برامج مخصصة للتصفية، مما يفسح بالمجال أمامها للتحكم بمحتويات الشبكة وهذا يعني عملياً منع المستخدمين من الوصول إلى مساحات واسعة من الشبكة. وقد يطال ذلك المؤسسات والمكتبات العامة والمدارس أيضاً.
هيومان رايتس ووتش والحملة العالمية لحرية الإنترنت تدافع عن حرية الوصول للمعلومة وترغب بترك مسألة الرقابة
للمسؤولية الشخصية للأفراد. على أمل أنه بهذه الطريقة يتم تفادي تحكم الحكومات بمضمون الشبكة وتهديد الحريات الشخصية وحرية التعبير.
لاشك أن التقنية الحديثة والتطور العلمي المتسارع ساهم بشكل أساسي في إزالة الكثير من الحدود. ليس فقط حدود انتشار المعلومة، وإنما الحدود السياسية أيضاً. وهذا مانشهده مجسداً على نطاق واسع في العالم الغربي وبصورة خاصة في دول الاتحاد الأوربي. وبالطبع هذا الأمر له تأثيره على دول العالم الأخرى، بحيث لم يعد بإمكان أي مجتمع أن يعيش منعزلاً عن العالم وتأثيراته المتنامية. والإنترنت رغم حداثته نسبياً فإن تأثيراته تبدو كاسحة لكل المجتمعات مهما جاهدت للانغلاق والتقوقع. ولهذا فإن سياسة عدم الانفتاح وممارسة الرقابة وتقييد الحريات ماهو إلا تأجيل ودفع للمشاكل إلى الأمام، ولن تجلب لمجتمعاتها الحماية المرجوة، وإنما المزيد
من التراجع والتخلف في كل المجالات، وعلى رأسها الاقتصاد. وفي النهاية لا طريق آخر إلا من مواكبة التطور والتقدم. ولكن بعد أن يكون قد تأخر الوقت لفعل ما هو مفيد وناجع.
فعلى الحكومات في دول العالم المتقدم والعربية أن تعي هذه الحقيقة التي ستظل تواجهها مهما تجاهلتها أو حاولت القفز فوقها. كما إن الشعب لن يرضى بالبقاء مهمشاً على الدوام ولا بد له في النهاية أن يستفيق ليلحق بركب الحضارة ويواكب التطور ولكن في اطارالتقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي وليست الفوضى الخلاقة كما يدعي الغربي – الأمريكي للوصول إلى الحروب والاقتتال الطائفي وتقسيم الدول إلي دول صغيرة ضعيفة متصارعة فيما بينها
كما يراد الآن لسورية ومصر واليمن والخ…. خدمة للمشاريع الأمريكية -الصهيونية.