التنشيف بعد الوضوء
مسائل من فقه (الأسود بن يزيد النخعي) تبرز منهجه الاجتهادي من خلال المقارنة بفقهاء الحجاز
المسألة الأولى : التنشيف بعد الوضوء :
أولاً : الأقوال في المسألة.
- قول الأسود : ذهب رحمه الله إلى جواز تنشيف الأعضاء بعد الوضوء.
ب – قول فقهاء الحجاز : ذهب سعيد بن المسيب وهو رأس فقهاء المدينة إلى كراهة تنشيف الأعضاء بعد الوضوء ووافقه عطاء رحمهم الله.
- أدلة قول الأسود :
ا – عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال : "أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فوضعنا له ماء فاغتسل ثم أتيناه بملحفة ورسية فاشتمل بها فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه".
2- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء".
3- وعن معاذ رضي الله عنه قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه".
ب – أدلة القول الثاني:
حديث ميمونة – رضي الله عنها – في وصف غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه "ثم أتيته بالمنديل فرده".
ثالثاً : المناقشة:
بالنظر في أدلة القولين لم أجد فرقاً بين الأسود وبين فقيهي الحجاز في المنهج فلم يقدم الأسود رأياً ولم يتوسع فيه بل الجميع استدل بالنص . فالأسود استدل بالأحاديث الثلاثة الصريحة في الدلالة ، وسعيد وعطاء استدلا بحديث ميمونة حيث فهما منه الكراهة وإن كان في حقيقة الأمر غير ظاهر الدلالة على ذلك قال ابن دقيق العيد : "وأما رد المنديل فواقعة حال يتطرق إليها الاحتمال فيجوز أن يكون لا لكراهة التنشيف بل لأمر يتعلق بالخرقة ، أو غير ذلك".
وقال ابن المنذر : "وهذا الخبر لا يوجب حظر ذلك ولا المنع منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يدع الشيء المباح لئلا يشق على أمته" فالمنهج إذا كان واحداً وإنما الخلاف بسبب تعارض النصوص في أذهان الفقهاء فالكل اجتهد في التوفيق بين هذه النصوص المتعارضة وأخذ ما رأى أنه الأصح والأرجح.
والحق أن رأي الأسود المبني على الاستدلال بهذه الأحاديث الصريحة في الدلالة وإن كان فيها مقال أبعد ما يكون عن الاستدلال بالرأي بل العكس صحيح رأي سعيد أقرب إلى إعمال الذهن من حيث توجيه الدليل وبيان وجه الدلالة.