اصبحت متطلبات التنافسية العالمية وتزايد حرية الاسواق وانفتاحها واحتلال الدول المتقدمة لجميع الاسواق والمنتجات وضياع الفرص علي الدول الاخري اذا لم تتمكن من تحقيق التنافسية علي كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية ومن المتعارف عليه بان الجودة من اهم اهم محددات القدرة التنافسية لاي شركة او وحدة اقتصادية بل وعلي مستوي الدول . وعليه لابد من انتهاج افكار وسياسات غير تقليدية لتحقيق عناصر التنافسية ولكن من استقراء الاوضاع الحالية لكثير من الشركات والمؤسسات التي انتهجت افكار وسياسات استراتيجية حديثة لم تحقق المستوي المتوقع مع الاعتراف بوجود بوادر لنجاحات كثيرة ادارية واقتصادية وارباح حقيقية للمؤسسات والشركات . فمن خلال البحث والاستقراء الشامل نجد فرقا شاسعا في النتائج المتوقعة من تنفيذ وتقليد بعض النظريات الحديثة والاستراتيجيات العالمية حيث ان كثير من الاستراتيجيات نبعت وتبلورت من ينابيع غربية ومعتقدات ادارية وتقاليد وثقافات بعيدة عن واقعنا وتراثنا العربي الاصيل وامكانياتنا التكنولوجية والتدريبية فنجد كثير من الاخفاقات والنتائج دون المستوي المتوقع والمطلوب, بل وكثير من التعارضات والتناقضات ومقاومة التغيير من العاملين والتحايل الوظيفي والمجتمعي لكثير من السياساسات بما يعيق تنفيذه .فاصبحت الحاجة ملحة لتنفيذ سياسات غير تقليدية نابعة من ثقافتنا ومتبلورة من اصالتنا ومنبثقة من افكارنا ولست أسوق لبدعاً من الافكار او الخيال ولكن هذا منهج تطبيقي اتخذته الكثير من الدول كاليابان حديثا بما يعرف "بالجودة المستمرة "بل وان تراثنا الاسلامي ملئ بجميع جوانب الافكار وعوامل نجاح الجودة بجميع مفاهيمها الحديثة . فمن المتعارف عليه اداريا ونفسيا بان الانسان عدو ما يجهل وبالتالي يقاومه ويعيقه ويقوضه بمختلف السبل . ومن هذا المنطلق نوصي بعمل ساسيات للجودة نابعة من الداخل اي استعمال جميع امكانيات العاملين لتحقيق الجودة المستمرة فان القاعدة بان العامل هو افضل من يعلم بجميع تفاصيل عمله ونشاطاته وهو اقدر من يستطيع تطوير واقتراح افضل السبل لتحقيق كفاءة العمل وتطوير الانشطة وبالتالي الوصول الي الجودة الحقيقة وهنا نكسب التاييد الكامل من العاملين بالمؤسسات والشركات لتنفيذ ومشاركة نجاح المؤسسة من خلال تقديم المقترحات بنفسه وتنفيذها ونكسب احساس العامل بقيمته وزيادة ولائه وانتمائه الوظيفي و المؤسسي والشعور بالتقدير وحيوية المشاركة وبالتالي زيادة الانتاجية وتعظيم القيمة لجميع الانشطة وغيرها الكثير من الفوائد من تنفيذ استراتيجية المشاركة العمالية الفعالة لتخطيط الجودة بالمؤسسات والشركات وهذا مبدأ نبوي وشرعي وهو المشاركة والشوري كما فعل نبينا محمد صلي الله عليه وسلم والصحابه من بعده . والسؤال كيف يتم تحقيق ذلك علي واقع المؤسسات والشركات وان يطبق بفاعلية .فالمقترح ان يتم عمل دورات تدريبية للعاملين بجميع القطاعات اهمية ادارة الجودة وما هي اهداف المؤسسة وسياساتها حتي تتوحد الاهداف العامة وان يتم عمل لوحات ارشادية ظاهرة بالمؤسسات توضح الرسالة والاهداف للمؤسسات والشركات ثانيا يتم عمل استمارات توزع علي جميع العاملين وتكون مقسمة بشكل مبسط ليقوم جميع العاملين بطرح جميع افكاره في الاستمارة ويتم تقييم الاقتراحات ومناقشتها كل ادارة بما يخصها من افكار وتقديم افضل المقترحات الي الادارة العليا بعد تطويرها ويتم عمل ارشيف لجميع الافكار والمقترحات ومن خلال موافقة الادارة العليا وفق الاهداف والساسيات العامة يتم تنفيذها وتطبيقها وتحفيز المشاركين علي افكارهم وتشجيع فرق العمل علي نجاحهم في تحقيق النجاح الفعلي لتطبيق المقترحات والجودة وبالتالي تحقيق التنافسية.واخيرا لكي تنجح هذه السياسة وتؤتي ثمارها يجب ان يتحلي مسئولي الادارات والادارة العليا بالنزاهة والعدل والاحترام المتبادل والاقتناع الكامل باهمية الجودة واثر تطبيق سياسة المشاركة لجميع العاملين في اتخاذ القرارات وتحسين الجودة الذي اصبح من اهم الادوات والمداخل لتحقيق التنافسية بجانب تخفيض التكاليف التي من الممكن تحقيقها باتباع هذا المنهج من حيث تطوير الانشطة والعمليات الداخلية وتقليل الفاقد والتكاليف وزيادة التعاون بين فريق العمل بما يؤدي الي رفع الكفاءة الانتاجية وزيادة الالتزام والانضباط الوظيفي للعاملين وتنمية الابداع للعاملين وحب البحث والمنافسه في العمل .وهنا نختم بقول الله تعالي " وتعاونوا علي البر والتقوي "فهذا من باب التعاون علي البر والعمل النافع وحب الخير للجميع واعلاء القيم الاسلامية في طريقة العمل والمعاملات .وهذا التوجه يجب ان يتبناه جميع القطاعات الحكومية والخاصة بل وعلي مستوي الافراد والاسر بحيث تكون ثقافة مجتمعية نابعة ومتبلورة من قيمنا الاسلامية وانفتاحنا علي الثقافات الاخري بما لا يتعارض مع اصالتنا وكياننا الحضاري والاخلاقي.
نائب المدير المالي في شركات مقاولات ريج كلية التجارة قسم المحاسبة و باحث في علم الاقتصاد وعلوم الادارة .محب للقراءة والنشر العلمي ونفع الناس والله اسال ان يرزقني الاخلاص وان يزدني علما ويجعلني ممن تعلم العلم وعلمه