المتاجر الصغيرة تربح
المتاجر الصغيرة تربح
المتاجر الصغيرة تنتشر في جميع أنحاء العالم, لكن انتشارها بوتيرة متسارعة في الدول النامية يعبر عن أمرين؛ الأول: هو وجود أموال تستنزف الطاقة الاستهلاكية لأصحابها, والأمر الثاني: هو قطاعات أعمال توفر رأس المال اللازم لتمويل قيام مثل تلك المتاجر.
الدول النامية هي أكثر الدول استهلاكًا, ولذلك فإن أنجح المشاريع بها هي المتاجر الصغيرة, وعلى موقع الفايسبوك شاهدت صورة توضيحية لشخصين؛ أحدهما غني والآخر فقير, الأول يرتدي ملابس بأسعار مناسبة, أمَّا الآخر فهو يرتدي ملابس باهظة الثمن, وذلك لأن الغني أكثر رشدًا في التعامل مع المال المدخر أو المجني, والفقير حتى لو كان يجني ماله بمجهود ومشقة فإنه مسرف جدًّا, وقلما ينجو من داء الإسراف فقير, نتيجة الحاجات النفسية التعويضية, فالفقير لديه الاستعداد النفسي ليشتري أي شيء مأكول أو ملبوس أو مشروب, ولكي أثبت لك ذلك تابع سلسلة فروع المتاجر الصغيرة, التي تفتتح في القرى والمدن لتستوعب استهلاك ملايين البشر على مدار الساعة.
عند قيام انشطة إنمائية مثل المصانع أو المؤسسات الحيوية فإنها تستلزم قيام متاجر صغيرة, تستوعب استهلاك العمال المغتربين؛ فغالبًا ما تقوم الأنشطة الجديدة في أماكن بعيدة عن العمران, وعند قيام تلك الأنشطة تتوفر الأموال التي تصب في صالح حاجات شرائية, تجعل المتاجر الصغيرة تنتعش.
ثقافة الشعوب الناهضة لا تخلو من حب المظاهر, واقناع الآخر بالإشباع, وتتوالى الحملات الإعلانية التي لا يقف أمامها ناقد بصير لتعزز من ثقافة الاستهلاك أكثر.
الكيانات الاقتصادية الكبيرة أجرت عدة صفقات استحواذ, استهدفت السيطرة على أكبر قدر ممكن من المتاجر الصغيرة, من خلال خدمات الربط عبر الإنترنت أو على الأرض, هذا لتتمكن من توجيه حملات دعائية تساهم في جبي الكثير من الأموال, وافتتاح متاجر أخرى صغيرة, يقوم عليها الصغار أو حتى الكبار تحت مسميات وذرائع وحيل استثمارية مختلفة.
المتاجر الصغيرة تحقق إقبالًا كبيرًا في عدة مناطق من العالم للأسباب التي حللناها, ولأسباب أخرى تتعلق بطموحات شباب المستثمرين وأصحاب المشروعات الناشئة.
ومن العجيب أن تشرف دول لها ثقافة رشيدة على قيام تلك المشروعات, دون الحاجة إلى إنفاق الكثير على الدعاية؛ فالسوق غير متشبع وطموح إلى مزيد من الاستهلاك وليس الإنتاج.
إفريقيا قارة بكر, لا تزال تمتلئ بالثروات الطبيعية والطاقات البترولية, ونيجيريا مثالًا – عززت من مطامع المستعمرين الجدد من الصين شرقًا وحتى الولايات المتحدة غربًا, الكل يتقاسم الكعكة ولا يعنيه التنمية الحقيقية لهذه الدول.
في الحقيقة إفريقيا أصبحت تشبه منطقة الخليج العربي في تطلعاتها للاستهلاك, وفخرها بثرواتها الطبيعية التي تُورَّد خامًا, وكأنها تقول: تعالَ أرجوك.. ابنِ لنا متاجر أخرى صغيرة هنا.
بعض الدول – لا داعي لنقول: إن مواطنيها لا يدرون الفرق بين المادة الخام بعد التصنيع وقبل التصنيع, هذا ليس مزاحًا, إنها حقائق تؤكد غياب الوعي بقيمة الثروة المختزنة والطاقة والكادر البشري, ورأس المال الذي يستنزف ليل نهار.