كان الحال في روسيا كما هو في أوربَّا, فقد عانى المفكِّرون والأدباء من سلطان الكنيسة منذ العصور الوسطى, الأمر الذي حدا بمفكِّر وأديب كتولستوي أن يرفض وضع الصليب على قبره, وأوصى بذلك.
وقد وجدت آثار الشخصيات الأدبية التي رسمها أدباء روسيا العظام في عهدها القيصري, تحمل فكرًا ينتقد أداء الكنيسة, ويتحوَّل من مجرد وصف للحالة إلى تطلع كبير, وقد كان لهذا الأفكار دور في تطوير التطرف البلشفي تجاه الفكر الديني الذي كان سائدًا, وجاءت الشيوعية لتطيح بمظاهر الحياة الدينية, وتنشر المادية والإلحاد, ليس في روسيا وحدها, وإنما في العالم كله.
ولا يعتقد أن أديبًا مثل دوستويفسكي – رغم تحريه للحراك الاشتراكي, وخلاياه في روسيا خلا القرن التاسع عشر – فكَّر أو تصوَّر مآل الأمور إلى هذا الشكل المتطرِّف في التعامل مع المعتقد الديني, داخل روسيا في القوقاز مع المسلمين مثلًا.
رواية الإخوة كارامازوف واحدة من أكثر الروايات شهرة في العالم, ألَّفها الأديب الروسي دوستويفسكي في القرن التاسع عشر, في نحو ألف وخمسمائة صفحة من الحجم المتوسط, رصد فيها التحولات وجذور الشيوعية والاشتراكية في روسيا القيصرية, والفكر السائد في المجتمع الروسي في ذلك الوقت, وناقش الكاتب من خلال عائلة روسية تسمي عائلة كارامازوف قتل فيها الوالد من قبل أحد الشخصيات, وقبل الوصول إلى معرفة القاتل تصل الدراما وأحداثها لتسلط الضوء علي الفساد الذي كان يدب في أركان الدولة, والتفاوت الطبقي, وأوضاع الكنيسة التي كان يعمل بها أليوشا أصغر أبناء كارامازوف, والذي اعتبره دوستويفسكي أمل روسيا القومي وحلمها الذهبي ومستقبلها المشع.
تمتع كبير العائلة والد الأبناء الثلاثة ( إيفان ودمتري وألكسي ) بشخصية قذرة وسيئة إلي حد بعيد, وكان أكبر أبنائه إيفان يشبهه في كثير من نواحي شخصيته الوصولية القذرة, ولكنه رغم التشابه الكبير بينهما فإنه كان يكرهه كراهية شديدة, أمَّا دمتري فقد كان يتمتع بشخصية الشاب الأهوج الذي يعشق بوجدانه وعاطفته الجياشة, ولا يلتفت إلي نداء العقل, أمَّا ألكسي فقد كان طيب القلب ونشيطًا وذكيًّا, وقد تحمل علي المستوي النفسي العبء الكبير نتيجة تورط دمتري المشتبه به في قتل والده, ومع انحلال العقدة يترجح انخراط سمردياكوف الخادم المصاب بالصرع, والذي يعتقد بأنه الابن غير الشرعي لتيودور كارامازوف القتيل.
خلال أحداث الرواية تناقش الشخصيات مصطلحات وأسماء وألقاب, تشير إلي مدي النشاط الواضح للفكر الاشتراكي المتطرف والخلايا الشيوعية التي انتشرت في روسيا آنذاك.
أصبحت الإخوة كارامازوف إحدى مائة عنوان, لابد للمثقف الجاد أن يقرأها, واعتبرت ضمن الروايات الاجتماعية والسياسية, التي كان له دور تنويري كبير, واعتبرها البعض ذات توجه ثوري, ساهمت مع كتابات آخري في عداد الكتب, التي غيرت المجتمع الروسي خلال فترة الثورة البلشفية في العقد الثاني من القرن العشرين.