صفحات فايسبوك .. التسويق والاحتجاج
صفحات فايسبوك .. التسويق والاحتجاج
موقع فايسبوك لم يكن مشهورا بين المصريين, ولا في منطقتنا العربية قبيل ما يسمى بــ "الربيع العربي" في 2010, سوى بين المهتمين بالإنترنت, والنخبة المثقفة, وبعض طلاب الجامعات في المنطقة العربية، ثم أصبح الملايين يستخدمونه بشكل مكثف عقب نجاح دوره في الدعوة لتظاهرات الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر, ويتسع دوره عقب أحداث الثورة, ليضيف شكلا جديدا من أشكال الاحتجاج إلى عالم السياسة.
وائل غنيم الموظف بشركة جوجل, والذي كان عبقريا في استخدام الإنترنت كان أحد المدونين على صفحة خالد سعيد, الذي اتهمت المعارضة المصرية النظام وقتها بقتله, وأصبح رمزا لقمع الشرطة وإساءة استخدام النفوذ, وقمع الحريات, وتدني احترام حقوق الإنسان, وأشياء أخرى كثيرة روجت له صفحة خالد سعيد على فايسبوك, وقد اكتسبت شهرة كبيرة بعد استجابة النشطاء السياسيين والشباب للتظاهرات, التي دعت إليها, وكان لها دور كبير في توجيه الشارع, وتحويله إلى الفعل الثوري.
تثوير الشارع المصري لم يكن هو الدور الوحيد, الذي تقوم به صفحات فايسبوك؛ فقد كان فايسبوك – ولا يزال – موقعا إعلانيا وتسويقيا, بعد اتساعه ليصل إلى أكثر من مليار مستخدم حول العالم, وهم يشكلون في أغلبهم جمهورا مستهدفا للمسوقين عبر الإنترنت.
فايسبوك واحد من أهم وأخطر مواقع التواصل الاجتماعي, التي تحظى بحب واهتمام, بل وإدمان كثير من مستخدمي الإنترنت في العالم, واستطاع الآلاف من محترفي التسويق في الدعاية من خلاله للمنتجات والسلع على شتى أنواعها, وكذلك المنتجات الرقمية, والمواقع الإليكترونية كلها تستخدم صفحات فايسبوك للترويج لمنتجاتها.
معظم الكتاب والمؤلفين الذين أتابعهم على تويتر يرسلون لي صفحات فايسبوك بأسمائهم, أو أسماء كتبهم, وربما يرجع نجاح صفحات فايسبوك في الترويج للمنتجات وإبداع الاحتجاج (بصرف النظر عن الغايات والمبررات)؛ أي قدرة المسوقين على استخدام الإعلانات المدفوعة والترويج للصفحات, حتى ان بعضها يصل إلى ملايين المعجبين.
أنا شخصيا أمتلك أكثر من خمس صفحات فايسبوك؛ اثنتان منها تحملان اسمي كتابين لي (أبو العبر المصري، والشيطان) بالإضافة إلى صفحتي كمدون وكاتب.
صفحات فايسبوك أيضا تتيح إمكانية الترويج لمنشور واحد منفرد داخلها؛ مما يوفر ميزة التركيز على الهدف أكثر, وهناك ميزة أخرى لصفحات فايسبوك: أن استخدامها سهل بشرط التركيز على محتوى محدد للترويج له, وهذا يعجل بانتشارها.
بعض المؤسسات الثقافية والسياسية في العالم العربي غير الهادفة للربح تعتبر صفحات فايسبوك الناجحة منتجا رقميا, يستحق الدعم والإشادة؛ ولذلك خصصت جوائز قيمة للمدونين, الذين يمتلكون صفحات فايسبوك ناجحة, دور النشر أيضا التفتت إلى أهمية صفحات فايسبوك وشهرتها، وكما حدث مع بعض المدونات التابعة لبلوجر؛ فقد أقدمت على نشر محتوى بعض الصفحات المشهورة, ويحكى أحد اساتذة الجامعات (منقولا) أن ابنته الطالبة الجامعية ساعدته في بيع كتابه من خلال صفحتها, التي يصل عدد معجبيها إلى خمسين ألفا.
التسويق, والدعاية, والإعلان, والترويج, والشهرة, والنجاح المذهل أشياء لا يعلم كثير من الناس أن باستطاعتهم الدخول إليها عن طريق صفحات فايسبوك.