ظاهرة الغش التجاري
ظاهرة الغش التجاري
ظاهرة الغش التجاري ليست وليدة اليوم ولا اللحظة, لكنها بدأت مع التجارة, ونشأت معها, بل وتطورت مع تطور طرق التبادل السلعي والصناعة والثورة في مجالات التكنولوجيا, والإبداع في التسويق, ومعلوم أن سمعة التاجر لا يمكن إغفالها؛ فهي أهم من رأس ماله, وقد أعاد الكثير من مشاهير التجار بناء ثروتهم, أو بنوها من البداية معتمدين على المصداقية والسمعة الحسنة.
عبد الرحمن بن عوف واحد من كبار رحالات المسلمين, وتاجر معروف بحذقه للتجارة, هاجر إلى المدينة وليس معه درهم ولا دينار, وأبى أن يتقاسم مال أخيه الأنصاري، وقال له: دلوني على السوق، وحين مات صولحت إحدى نسائه على ربع الثمن باثنين وثمانين ألف دينار, ولكن ضعاف النفوس من التجار يغشون في البيع والشراء.
وهذا أمر معروف ويضر بسمعتهم، ولكن بظهور وسائل الدعاية الحديثة حرص التجار والشركات الكبيرة على إعطاء منتجاتهم صيغة وصفة خاصة، واشتهروا بها, وطبعت على منتجاتهم حتى يعرفها الناس.
أصحاب الشركات الصغيرة والمشروعات الناشئة, والراغبون في الربح السريع قد يسعون إلى سرقة هذه العلامة التجارية, ووضعها على منتجاتهم لإيهام الناس بأنها تتبع الشركة الأولى, مستغلين تدني الوعى وضعف الثقافة، والخطير في الأمر أن هذه الشركات لا تكون منتجاتها بدرجة الجودة, ولا المواصفات التي تخضع لها الشركات الكبرى صاحبة العلامة التجارية الأصلية.
هنا يتراجع الإقبال على المنتجات الأصلية؛ فقد تغير رأي العملاء بها نتيجة تجربتهم المنتجات صاحبة العلامة التجارية المزيفة، كما أن هذه المنتجات قد تضر العملاء أنفسهم وصحتهم وأطفالهم؛ لأنها لا تخضع للإشراف, ولا رقابة الدولة.
أمثلة على الغش التجاري:
أولًا: الغش التجاري في المبيدات الزراعية:
أصبحت أكثر انتشارًا في مصر؛ لأن الأيدي العاملة الزراعية تقلصت بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية, وبالتالي تغيرت طرق المكافحة, وتحولت إلى كيماوية وبيولوجية، وللتزايد المستمر في هذا الإقبال على المبيدات ظهرت علامات تجارية ذات قيمة؛ لمكافحة أمراض عديدة تصيب النباتات والمنتجات الزراعية، وظهرت أيضًا شركات صغيرة كالعادة تنتحل كل العلامات التجارية, وتحمل المخاطر السابقة نفسها.
ثانيًا: الغش التجاري في الأدوية:
الأدوية لها أكبر الخطر, وعلامتها التجارية تعد الأخطر على الإطلاق؛ لما تحمله من تأثير مباشر على صحة البشر الأصحاء والمرضى، في الوقاية من العلاج, وتعاني الدول الأكثر تخلفًا في العالم من ثقافة شراء الدواء مباشرة, دون استشارات طبية من انتشار الفساد, والذي يجعل مسؤولين كبار يمررون صفقات أدوية, تضر مباشرة بالصحة العامة صنعت تحت السلم.
ثالثًا: الغش التجاري في الملابس:
جُبِل الجميع فقراء وأغنياء على شراء الملابس، وظهرت الألياف الصناعية, والأصباغ التي قد تسبب ضررًا كبيرًا لصحة من يرتديها، الشركات التي تصنع هذه الملابس, والأقمشة, والأصباغ دون مواصفات قياسية, تدخل في إطار ظاهرة الغش التجاري, وتقع مباشرة تحت طائلة القانون, وهي كثيرة ومنتشرة على نطاق واسع.
اشترك في قائمتنا البريدية