فريد خميس.. رجل السجاد
فريد خميس:
فريد خميس.. كان الاسم الذي تردد على مسامعي طوال فترة الطفولة, قبل أن أعي في مراهقتي أنه رجل ثري, وقبل أن تتسع مداركي في الشباب فأعرف أنه من أكثر رجال الأعمال قربًا من صانعي القرار السياسي, وهو مستثمر كبير تملأ استثماراته العالم, وتقدر ثروته بالمليارات.
ولنعد إلى الاسم.. لماذا تردد الاسم كثيرًا أمامي؟ وكيف لقرية أو قريتين تقعان في منطقة نائية من الدلتا أن تردد هذا الاسم لرجل أعمال كبير مثل محمد فريد صاحب علاقات متشابكة وخطيرة على الصعيد المحلي والعالمي؟ ببساطة لأن إحدى القريتين وهي خميس موافي مسقط رأسه ويقطنها أبناء عمومته, لكن أسرته انتقلت لأسباب اجتماعية واقتصادية في وقت مبكر إلى الشرقية, وبالتالي كان طبيعيًّا أن تجتذب مصانع السجاد التي أقامها تحت مسمَّى شركات النساجون الشرقيون طموح شباب عائلته والقرية كلها للعمل بها..
حقيقة يعمل بالمصانع الآن الكثير من شباب القرية, وبعضهم يقيم إقامة دائمة في العاشر من رمضان.
ومن هنا برزت مسؤولية فريد خميس الاجتماعية عن رعاية قريته المنسية في أقاصي شمال الدلتا, ولكن استثماراته وأعماله المترامية جعلته ينحو منحًى أقل اهتمامًا بالقرية, وجاءت نتائج مساعيه التنموية للقرية مخيبة لآمال جيلي, وآمال بعض أبناء الجيل السابق؛ فقد كنا نطمح إلى إقامته مصنعًا, أو نشاطًا تجاريًّا يستوعب الأيدي العاملة المغربة التي تتخطى المائتين من أبناء قريته خميس موافي, والقرية المجاورة لها (الشيشيني) التي أنتمي إليها, والتي تشتبك معها اجتماعيًّا وتاريخيًّا.
يتمتع فريد خميس بسمعة طيبة لدى أبناء مركز بيلا ومحافظة كفر الشيخ عمومًا, ويحظى بتقدير قطاع الأعمال في مصر والعالم, رغم ارتباطه الوثيق بنظام مبارك, ويبدو أن الرجل كان يعمل على حماية مصالحه ضد ثقافة الهيمنة التي سادت عهد حسني مبارك؛ حيث عين رئيسًا للجنة الصناعة بمجلس الشورى.
النساجون الشرقيون:
النساجون الشرقيون أشهر شركة سجاد في الشرق الأوسط, يصل إنتاجها إلى الشرق والغرب؛ فالعالم يستورد إنتاجها باستمرار, وقد نجح فريد خميس في إقامة مصنع للسجاد بالولايات المتحدة منذ فترة ليست بالقليلة.
فريد خميس الذي بدأ محاسبًا في دبي بعد حصوله على بكالوريوس التجارة, نجح في إقامة سلسلة مصانعه بدءًا من عام 1981 مع بداية عصر مبارك, ونشاط المناطق الصناعية مثل العاشر من رمضان, وتوجه شقيقته السيدة/ فريال خميس نشاطًا خيريًّا من خلال جمعية الفؤاد, وهو نشاط يثني عليه الدين والعرف خيرًا, ولكن جيلنا يأمل في تحويل هذا النشاط إلى نشاط إنتاجي وتنموي بين الأخذ والعطاء؛ فقد يمثل هذا النشاط الخيري مدعاة للشعور بالمهانة من قبل البعض.
الفريق الذي يمثلني يرى عظم الجدوى التي يوجهها فريد خميس لمسقط رأسه في تحويلها إلى قرية ذكية أو متطورة, وإقامة مصنع يشرف مباشرة على بنائه بنفسه, ويطور البنية التحتية والطرق المؤدية إليه, ليترك لنا – وهو الرجل الذي تخطى السبعين في هذه القرية – ذكرى تتوهج إلى جانب سمعته الطيبة التي غرستها كفاءته التي لم تنجح في طمرها عصور الاستبداد.