كيف يعمل المعلمون في المدارس النائية؟
كيف يعمل المعلمون في المدارس النائية؟
المدارس النائية:
المدارس النائية مسألة من الخطورة بمكان؛ حيث تقع المدارس النائية في أماكن تتسم عادة بالطبيعة الجغرافية الصعبة، أو وسط إمكانات مادية محدودة، أو غير كافية لإقامة العملية التعليمية على أسس علمية سليمة.
يروي أحد أصدقائي قصة ظريفة تحكي بؤس ما يحدث في المدارس النائية، وحال المعلم الذي يعانى من ويلات الأمطار، والاكتئاب, وانقطاع التيار الكهربائي، ومآزق عديدة تجعله في موقف لا يؤهله نفسيا للاستمرار.
يقول: ذهبنا إلى الإدارة التعليمية التي تقع في أقصى شمال مصر بالعمل في مدرسة تبتعد عن الإدارة عشرات الكيلو مترات, وتبتعد عن منزلي ما يقرب من ثلاث ساعات في المواصلات، وينحدر الطريق المؤدي إليها من الطريق العمومي في طريق مترب وسط الأراضي الزراعية، وترقد المدرسة التي بنيت على الطراز الحديث وسط قرية شوارعها تفتقد لأدنى مقومات البنية التحتية؛ من صرف صحي، ورصف, وغير ذلك.
اضطر المعلمون الثلاثة حديثو التخرج إلى السكن في بيت طيني مسقوف بالخشب والبوص والقش، ويتحول في الشتاء مع سقوط الأمطار إلى بركة طينية, ناهيك عن انقطاع التيار الكهربي، واقتصاد المحيط الخارجي لوسائل الترفيه, وتدني أجور المعلمين، بنهاية العام كانت فترة التعاقد قد انتهت فعادوا إلى ديارهم بغير رجعة.
من أجل كل ما سبق أحجم كثير من المعلمين عن الذهاب إلى الأماكن النائية رغم مضاعفة بعض الجهات و الإدارات للبدلات والحوافز وغير ذلك، في محافظة نائية قد لا يوجد في المدرسة الواحدة سوى طالب واحد، وسط افتقار المعلم لمن يحميه، ومن يلوذ به من جانب، وتدني المستوى الفكري للكثير من أولياء الأمور.
المدارس النائية ومشكلة التخطيط:
المدارس النائية تقع ضمن دائرة مشكلة التخطيط؛ فالتخطيط السليم الذي يرى في المدرسة أحد عناصر البنية التحتية, يرى الصرف الصحي والكهرباء والاتصالات عناصر أخرى تحتاجها هذه المدرسة؛ فهي تحتاج إلى الكهرباء لتشغيل الأجهزة الإلكترونية في معامل الحاسب الآلي وحجرات البث التليفزيوني، فيما لا يخفى على أحد أن تلاميذ المدارس النائية لهم حظوظ من المواهب والمهارات الكائنة, التي تحتاج إلى اكتشافها وتنميتها، وقد تعود هذه الكوادر المدربة المثقفة مستقبلا بعائد كبير على مستوى الأمن القومي، والتنمية، واجتذاب الاستثمارات.
المدارس النائية تقع ضمن دائرة الانفلات الأمني؛ لذا يجب إقامتها إلا وفق اشتراطات الأمن، على حساب أن المتعلم هو مسألة أمن قومي، ويلزم حماية المعلم على اعتبار أنه يمثل هيبة الدولة، وضمانة الأجيال القادمة لتلقي المعارف والقيم.
نحن بحاجة إلى تفهم مجتمعي لاشتراطات التخطيط، وتفهم حكومي لخطورة التنسيق في التخطيط بين المؤسسات والهيئات.
هناك أيضا ملحوظة لا يلتفت إليها الكثيرون: أن الطبيعة الجغرافية قد تتنوع داخل الدولة الواحدة، ولذا ينبغي التغيير في طبيعة المبنى المدرسي للمناطق النائية؛ إذ يتنوع المناخ أو يتغير الطقس في أماكن وجود المدارس النائية.