كينيا بين مطامع السياسة والاقتصاد
كينيا بين مطامع السياسة والاقتصاد
دولة كينيا تقع وسط القارة الإفريقية, ويحيطها دول إفريقية أخرى تعد بؤرا للصراع والمطامع الاستعمارية الكبرى؛ أبرزها الصومال, والرئيس الحالي كينياتا خضع لمحاكمة خرج منها دون محاسبة, والبلاد تضطرب تحت وقع اللاأمن, بحسب الـ BBC البريطانية.
شعرت الصين مبكرا بأهمية إفريقيا, وحصلت على حقوق تكفل لها الاستفادة من حصص الثروات الطبيعية في القارة الثرية الفقيرة, ولا عجب أن كينيا تقع ضمن دائرة المطامع تلك, وتعد زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى مسقط رأس والده في كينيا في هذا الإطار من الصراع الاقتصادي, والوقوف أمام الصين كقوة اقتصادية تبحث عن غنائم إفريقيا, أضف إلى ذلك أن تطلع إفريقيا عموما للتنمية يتضمن فرصا, وبيئة خصبة للاستثمار.
باراك حسين أوباما, الذي يبلغ من عمره الخمسين تقريبا, يستغل وجود أسرة أبيه السوداء, وصلات القربى ذات التقدير المعروف في القبائل الإفريقية لمص مزيد من الثروات وفرص الاستثمار, وقال باراك اوباما بعقلية وأداء عمليين: "سنقدم استثمارا لا مساعدات", وهي العقلية العملية التي بدأت تسود كل الأوساط الاقتصادية حتى العربية منها, التي ظلت تتناجى حتى العام الماضي بأواصر القربى والأخوة العربية, وأصبحت تتحدث الآن عن الاستثمار لا المنح.
التقارب الكيني الأمريكي جر على كينيا مزيدا من الاضطرابات والحوادث والمشكلات الكبرى؛ فقد انتقل نشاط حركة الشباب الصومالية إلى كينيا, وأقامت مذبحة لطلاب الجامعة في كينيا؛ اذ يعود تاريخ الصراع الصومالي الأمريكي إلى التسعينات, ويرى الصوماليون الذين هزموا المارينز أمام كلينتون أن الأمريكان وراء كل مصيبة وطامة تحيط بالعرب والمسلمين, كما أنهم سبب مصائب الصومال, التي انتهت بهزيمة الصوماليين, ويعود خضوعها للاحتلال الإثيوبي إلى مطامع الولايات المتحدة, ودورها في إضعاف وتجويع وتحارب الشعب الصومالي.
يدرك كل أحد أن استقرار كينيا – كما هو الحال في كل مكان – هو الضمانة للاستثمار؛ فالمستثمر لن يضع أمواله في بلد لا تتمتع بالأمن, هناك المزيد من الاضطراب واللا أمن قادم إلى إفريقيا كلها, ما دامت بعض أجزائها لا تزال واقعة تحت الاحتلال, أو تشعر بالقمع, أو انتفاء نصيبها من غنائم الاستثمار والثروات في المستقبل.
الولايات المتحدة التي تغرق في الرفاهية إلى النخاع لا تبالى بما يحدث للكينيين جراء تقاربها معهم, كما هو الحال مع كل حلفائها السابقين, والحال كذلك مع الصين التي لا تتعامل مع إفريقيا إلا من منطلق كونها كنزا مفتوحا ليل نهار لمصانعها, وممرا لتجارتها, وسوقا لسلعها.
الغرب عرف طريقه إلى كينيا مبكرا ضمن منظومة استعماره للعالم الكبير, وإفريقيا كانت الفريسة الأسهل بتخلفها وضعفها وفطرتها الساذجة؛ نيجريا وكينيا وجنوب إفريقيا وساحل العاج وغانا وافريقيا الوسطى, وكل مناطق الصراع العرقي والتفرقة العنصرية وراءها المصالح الاقتصادية, وكل سياسات الغزو الثقافي وراءها مزيد ومزيد من الرغبة في استمرار الهيمنة الاقتصادية على القارة الإفريقية, وانظر إلى نموذج دولة كينيا.