ما الذي تعرفه عن الدولة العباسية ؟ (الازدهار والانهيار)
الدولة العباسية وابن العباس:
الدولة العباسية تنسب إلى العباس بن عبد المطلب وأحفاده من بعده، ولم يكن لعبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن أرب في السلطة، ولم يكن يحب سوى القرآن والحق وخدمة دينه، ولم يؤثر عنه أنه نازع أحدًا ملكه, وكان شيخ آل البيت المبجل, وقد نصح الحسين قبل خروجه إلى الكوفة ألا يخرج إليهم, وحذره منهم, وهو عالم الأمة وصحابي أدرك النبي – صلى الله عليه وسلم – ودعا له؛ فقال: "اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل"، وارتقى إلى ربه في عام 68 هــ, وخلف من بعده ولدا غاية في الزهد والعبادة هو على بن عبد الله بن العباس، يقال: إنه كان يصلي مائة ركعة ببستان له بالجحفة شمال المدينة، واعتزل الفتنة، حتى جاء ولده محمد بن علي الذي يعد رأس الدعوة العباسية.
بداية الدولة العباسية:
بث محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الدعوة, وعين النقباء في أنحاء الديار الإسلامية, ودعوا له بالخلافة سرا, حتى جاء عصر عمر بن عبد العزيز, فتوقفوا, ثم إن محمدا مات, ولم تتم دعوته, فأكملها من بعده إبراهيم الإمام الذي اكتشفت الدعوة في عهده, فقبض عليه وسجن ومات في السجن, ولكن الدعوة كانت قد آتت ثمارها، وتحركت القبائل ضد الأمويين, وتتالت الثورات حتى خرج العباسيون براياتهم السود ودعواهم: يا منصور أمت, فقتلوا الأمويين, وكان آخرهم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية عام 132هــ, ولم ينجُ منهم إلا عبد الرحمن بن معاوية الملقب بصقر قريش (فر إلى الأندلس).
ازدهار الدولة العباسية:
استتب الأمر نهائيا لبني العباس في عهد خليفتهم الثاني أبي جعفر المنصور, الذي بنى بغداد, وسجن أبا حنيفة, ونشر العلم, وعم في عهده الأمن, وكان يحج كثيرا, ويدخر المال للدولة حتى قويت, وارعوى أعداؤه الباطنيون عنه, بعد مقتل أبي مسلم الخراساني غلام الفرس على يده.
بلغت الدولة العباسية ذروة اتساعها وقوتها وثرائها في عهد هارون الرشيد, وانتشرت حلقات العلم في بغداد, وظهر العلماء في هذا العصر, وانتشرت الفرق الكلامية, وعاصرت الدولة العباسية أئمة المسلمين الأربعة المشهورين (مالكًا وأبا حنيفة والشافعي وابن حنبل), وكذلك أسد الحديث العلامة البخاري ومسلم النيسابوري، وشاع البناء الحضاري, وانتشرت الثقافة, وبُني بيت الحكمة, وأثرى التجار ثراء فاحشًا، ومر عصر كامل من الغزو والفتح, ساد فيه الفرس والأتراك.
انهيار الدولة العباسية:
ضعفت الدولة تدريجيا مع نهاية القرن الثالث الهجري, حتى أصبحت مع هبوب إعصار التتار والمغول من الشرق كبيت العنكبوت؛ فانتقصتها الممالك والأمم دولة بعد دولة, ثم قضى المغول عليها تماما في عام 656هــ, وقتلوا الخليفة العباسي المعتصم, وأقاموا من كتب المسلمين جسرا في نهر دجلة عبرت عليه الخيول.
فضل الدولة العباسية على الأمة:
مع هذا الانهيار المدوي ظلت الأمة من بعد ذلك عيالا على جهود علماء هذه الحقبة؛ في: التفسير والحديث والسنة والنحو وعلم الكلام, والحياة الفكرية والثقافية من شعر ونثر وخطب، وتصوف سني, ولغة؛ فقد كان هناك الأصمعي وسيبويه والخليل بن أحمد الفراهيدي والمعتزلة وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين, وكثير من علماء القرنين الذهبيين الثاني والثالث, الذي عمت فيه قدسية العلم, وعلا شأن العلماء, وانشغل المسلمون بثقافتهم ودينهم وجهادهم، حتى هابتهم أمم الأرض في العصر الأول للدولة العباسية.
لتبقى على تواصل دائم بجديد موضوعات جامعة المنح يمكنك الاشتراك في القائمة البريدية ولا تنسى تفعيل الاشتراك .