ما الفرق بين المدارس المشتركة والمدارس المنفصلة؟
المدارس المشتركة هي المدارس التي تجمع بين البنين والفتيات في مكان واحد، إما مبنى مدرسي واحد وفصول منفصلة، أو مبنى مدرسي واحد وفصول مشتركة أيضا، وهذا الأمر قد يكون نقاشه غريبا في دول تعتبر النظم التعليمية فيها الاختلاط أمرا سائدا وعاديا جدا, والسائد لا يتكلم فيه، ولكن في المنطقة العربية الأمر موضع جدل لعدة أسباب:
- الشعوب العربية لها عادات وتقاليد راسخة حول قدسية جسد المرأة منذ البلوغ، وحساسية حول اجتماع الذكور والإناث في مكان واحد، وتكثر وتكثر جرائم الشجار وربما القتل جراء تعرض الأنثى للغزل أو المضايقة في بعض البلاد العربية حتى الآن، وفى المناطق المحافظة في مصر تعتبر إلى وقت قريب دخول الإناث المدارس أمرا محظورا، والاختلاط كان أهم الأسباب.
- الثقافة الإسلامية: حيث تشدد أغلب المذاهب الإسلامية المعروفة على ضرر الاختلاط بين الذكور والإناث، وتسوق أدلة على ذلك في فتنة عارمة يؤيدها الواقع الشاهد من زواج عرفي في الجامعة تفشى، وتسبب في اضطراب اجتماعي وأسري هائل، أدى إلى فقدان الثقة في النظام التعليمي، وبمرور الوقت هبط سن الزواج العرفي إلى مرحلة الثانوية، وزادت حدة الأمر مع ظهور الفضائيات والإنترنت، وهنا كان من الخطورة أن المجتمع في الثقافة الإسلامية سعى إلى استعادة موروثه حول الاختلاط عن طريق محاولات معتدلة, أو متطرفة في المدارس والجامعات.
وهذا ألقى بثقل وأعباء خطيرة على الأمن العام، ومؤسسات الدولة، في الدول العربية الأكثر انفتاحا؛ مثل: لبنان والعراق والإمارات ومصر والجزائر, لكن مجتمعات عربية أخرى ظهرت فيها وبقوة المدارس المشتركة والمدارس المنفصلة، كتجسيد حي و حقيقي للثقافة المحافظة المستمدة من التقاليد العربية والثقافة الإسلامية.
في السعودية مثلا تشرف الدولة على تطبيق صارم لسياسة الفصل بين الإناث والذكور في المدارس والجامعات, وحتى في المؤسسات الصحية، وقد أذاع أحد المواقع على الإنترنت خبر وفاة امرأة في المستشفى لعدم وجود طبيبة أنثى لعلاجها.
هذا ولا أحد ينكر أن طبيعة المجتمعات العربية لا تتوافق مع سياسة الاختلاط، وقد أشرت في مقال يأتي سابقا وأتى لاحقا حول إصرار الأزهر على تأنيث المعاهد الأزهرية الخاصة بالفتيات, ورغم فشل ذلك الإجراء بقي الأصل موجودًا وثابتا أن الأزهر يرفض طبقا لموروثة الإسلامي الاختلاط بين الجنسين.
هناك مشكلة أكثر حساسية هي الأخرى تتعلق بالفصل بين المعلمين والمعلمات الذكور والإناث، وقد يتسبب هذا في لغط كبير، لكن بإقرار قوانين الواقع وإسقاط الأحكام على ما يسببه الاختلاط وفق ظروف المجتمعات العربية فإن الفصل بين الجنسين أمر ضروري، ولكن كاتب هذه السطور مجرد صاحب رأى.
الأمر بحاجة إلى إقرار مجتمعي أو توافق حتى لا يحدث اضطراب أو جدل واسع، ينال من الأمن الاجتماعي خصوصا أن بعض المجتمعات العربية مثل المجتمع المصري تلقت عبر عقود طويلة قيم ومبادئ الانفتاح، وهناك عدد لا بأس به من الموطنين تشرب القابلية التامة لوجود الإناث إلى جانب الذكور في مكان واحد، على اعتبار أنهم إخوة و أنهن أخوات, فلا داعي – من وجهة نظرهم – لوجود مدارس مشتركة وأخرى منفصلة.