موظفون متعاونون
موظفون متعاونون
كانت أعداد الناس واختلاطهم وتعاملهم بسيطًا بداية الأمر, ولم تكن التعقيدات في المجالات كافة قد ظهرت.. تدريجيًّا ظهرت الحاجة الملحة إلى مفهوم التعاون, وصارت هناك مؤسسات ضخمة لخدمة الناس وتحقيق مصالحهم, وبالضرورة يعمل في هذه المؤسسات موظفون.. تختلف رؤآهم وتوجهاتهم واستعداداتهم النفسية ودرجة تحملهم للأعباء.
ولكون هذه الأعداد تعمل معًا وفق تخصصات مختلفة, وتخضع لتوجهات وتعليمات وتحكمهم قوانين, كان لابد أن يتعاونوا لإنجاح المؤسسات, وتحقيق الحد الأدنى من التفاعل, والأقصى من التطور والنجاح.
الإنسان بطبيعته كائن متعاون, لكن التربية والبيئة التي ينشأ بها ربما تجنح به إلى الفردية.
وقد ظهر علم التوظيف والتنمية البشرية كواجب لابد من القيام به لمصلحة الموظفين والمؤسسات على السواء؛ لتنمية روح العمل الجماعي لدى الفرد, والقضاء على سوء التفاهم الذي ينشأ نتيجة الاختلاف الطبيعي في شخصيات الموظفين.
تُعقد – بداية – مقابلة شخصية للمتقدمين للوظائف, لاستبيان مدى استعدادهم وقابليتهم للعمل داخل المؤسسة المتقدم إليها.. في هذه المقابلة الشخصية يعرف صاحب العمل الصفات الجوهرية في شخصية الموظف الجديد, التي يبني عليها قراره بقبوله في مؤسسته أو العكس.
أولا: اللياقة واللباقة في الحديث تثمن شخصية الموظف أمام صاحب العمل؛ فسوف يساعد ذلك في تفاعل الموظف سريعًا؛ بحيث يخدم أهداف المؤسسة في الجانب التعاوني (سوف يتلقاه زملاؤه بصدر رحب, ولن يبخلوا عليه بخبراتهم, وسوف يضطلع سريعًا بالأعباء التي ستلقى عليه).
ثانيًا: الهدوء والصفاء النفسي, سوف يساعد على التجاوب مع العملاء وتحمل الضغوط النفسية – وما أكثرها – خصوصًا في خدمة العملاء والتماس المباشر معهم.
ثالثُا: التوسط في الاعتداد بالنفس سوف يطور سمتين في وقت واحد؛ قدراته في عمله, والقيام بما يوكل إليه من أعمال على نحو جيد.
رابعًا: المرونة وسرعة البديهة: سوف تعملان على تغاضيه عن تبلد البعض وتعنت الآخرين.. بمعنًى آخر سوف يتعاون مع الأشخاص الممقوتين والمكروهين اجتماعيًّا (هذا لن يضيع الوقت, ويسرع بالإنجاز).
ما سبق هو بعض ما تكشفه المقابلة الشخصية من سمات تبين تعاون الموظف أو أنانيته, أو ميله الشديد للاستقلالية.
إن الفساد الذي يدب في المؤسسات القديمة – وسريعًا – في مؤسسات حديثة, يكون نتيجة سوء اختيار الكوادر, وعدم التعويل كثيرًا على تعاونها من عدمه.
ينصح خبراء التوظيف الموظفين بالدورات المؤهلة لسوق الوظائف التي تمكنهم من تخطي مثل هذه الاختبارات والمقابلات, كما تساهم في التكيف مع الأوضاع الوظيفية وتساعد على القيام بأعباء الوظيفة في سلاسة ويسر.
كما ينصح الخبراء المؤسسات بعمل إدارات وأقسام خاصة للتنمية البشرية داخل مؤسساتهم, تعيد تأهيل الموظفين, وتراقب أداءهم, وتحسن من قدراتهم النفسية, وتنمي الاستعداد النفسي لديهم, وتساعدهم على تخطي عقبات السوق.
قامت بالفعل كثير من المؤسسات بعمل ذلك, خصوصًا في أوربا الغربية والولايات المتحدة.
هناك موظف متعاون بالفطرة, يجب العمل على تنمية هذا الجانب فيه منذ الصغر, وآخر غير متعاون؛ وهو خطر على الأداء المؤسسي والعمل الجماعي (سوف يعطله).
يُوصَى بتنمية هذا الجانب مبكرًا منذ الطفولة وتعبئة المؤسسات التعليمية من أجل ذلك, وإجبار الأفراد الجانحين في مقتبل العمر على قبوله.
جميع الحقوق محفوظة لجامعة المنح
إشترك في قائمتنا البريدية