هل يحصل المعلمون على الرعاية الصحية؟
هل يحصل المعلمون على الرعاية الصحية؟
المعلمون لا يحصلون على رعاية صحية مناسبة، هذا ما يقر به ويعرفه المعلمون وغير المعلمين؛ ففي عالمنا العربي تأتى مشكلة تدني الأجور والمواصلات وضعف البنى التحتية, وارتفاع تكاليف الزواج؛ لتجهد المعلمين نفسيا وماديا، حقيقة يشعر بعض المعلمين وأنا منهم باضطهاد قد لا يكون متعمدا، نظرا لضعف الثقافة المنادية بتبجيل المعلم وتقديره تقديرا ماديا مباشرا يخرج عن إطار المساعدات المجتمعية والتضامن إلى مرحلة تقدير الدولة نفسها؛ لكي تحتفظ له بكرامته.
يتعرض المعلمون لضغوط نفسية وعصبية داخل الفصول الدراسية تصل للذرى في المرحلة الثانوية، مع تعقد وصعوبة التعامل مع المراهقين، الذين يسعون بكل الطرق لاستفزاز المعلم وإثارة غضبه لأسباب تافهة وغير تافهة، وهذا يتسبب مع الوقت في إصابة كثير من المعلمين بمرضين من أخطر أمراض العصر فتكا؛ هما: السكر والضغط المرتفع.
لا يصاب المعلمون وحدهم بهذه الأمراض، ولكنه يسرع إليهم مع ارتفاع وتيرة العمل داخل الفصول الدراسية، إضافة إلى مواصلة العمل، والدروس الخصوصية؛ لتعويض الفقد في الأجور وتدنيها الشديد.
أضف إلى تلك الأمراض الأمراض الأخرى الناتجة عن سوء التغذية وتلوث المياه وتلوث الهواء؛ مثل: الدرن والسل والفشل الكلوي، التي يتشارك فيها المعلم مع غيره من أبناء وطنه تحديدا في مصر.
بعد ذلك لا يتلقى المعلمون – حسب علمي – رعاية صحية، لا يتصور أن المعلمين وحدهم يعانون من ذلك، بل لابد من إيلاء الرعاية الخاصة بهم؛ إذ يتمتع كثير من هؤلاء المعلمين بكفاءات علمية وتربوية ، تؤثر على الاستفادة منها تلك الأمراض الخطيرة، وزيادة أيام التمارض وضعف الخدمة الطبية التي يتشارك معهم فيها أغلب أبناء الشعب.
مستوى الضرر النفسي الذي يعانيه المعلم من تدني الخدمة والرعاية الصحية له يفوق أضرار أعراض الأمراض نفسها، ذلك أنه يرى نفسه معينا للكوادر البشرية والمؤهلات التي تتمتع أمامه أو بعضها على الأقل بمزايا معيشية, ورعاية صحية, وتقدير معنوي ومادي يفوق ما يتمتع به هو بآلاف المرات.
ترتفع التكاليف العلاجية لبعض المعلمين الذين يعانون من أمراض تستلزم رعاية متواصلة، وإنفاق متكرر؛ مثل: الفشل الكلوي، والسرطان وغيرها.
هناك حاجة ماسة إلى إسداء رعاية صحية ملائمة لأولئك المعلمين الذين تخطوا سن المعاش, وبحاجة إلى تزويج بناتهم مثلا، في ريف مصر قد لا يكون الأمر معقدا أو سهلا بعض الشيء، نقول بعض الشيء، لكن في القاهرة الكبرى مثلا يؤثر ذلك على صحة الحياة الاجتماعية والمسلك النفسي للمعلمين وأسرهم، بل وقد يؤدي هذا في تصوري إلى تأييدهم آراء وأفكار قد لا يكونون مقرين أو مقتنعين بجدواها، من أجل الحصول على المساعدات التي تستغلها بعض التيارات لتحقيق مآرب معين من المجتمع والدولة.
يصاب المعلمون بالهستيريا والأمراض النفسية، بعد ضعف تقدير الدولة للمعلم أمام الطالب، واعتبار الطالب أو التلميذ فوق الحساب والمجازاة, وسياسة تدليل الطالب هذه جرت معها إحساسا عارما لدى المعلمين بنقص شديد في الأداء النفسي, والتعاطي مع العملية التعليمية. (المفترض أن يشعر المعلم بالاستعلاء، لا الكبر لدوره في نقل المعارف والقيم) فهل بعد كل ما سبق نتساءل: ما الجدوى من الرعاية الصحية؟ أو علينا – بشكل أخر – أن نسأل أنفسنا: هل يحصل المعلمون على الرعاية الصحية؟