البحر المتوسط … كتاب إميل لودفيج
البحر المتوسط … كتاب إميل لودفيج
الكتابان الأشهر للرحالة إميل لودفيج:
البحر المتوسط والنيل هما الكتابان الأشهر للرحالة الألماني إميل لودفيج, وقد سعى إميل لودفيج – وحسب تصوري للقراءة المبدئية للكتاب – أن يوضح أثر البحر المتوسط في الحضارات التي قامت على شواطئه, أو تلك التي تفاعلت معه ومع موقعه الجغرافي, أو حتى استخدمته أساطيلها للتجارة والغزو.
ورغم أن المترجميْن الذين وقع عليهما عبء ترجمة كتاب النيل, وكتاب البحر المتوسط مختلفان؛ فإن الأسلوب الخاص لإميل لودفيج في السرد والتحليل المنطقي والتصوير والوصف يبدو واحدَا, وكأنك ترى ما يحدث أمامك.
إميل لودفيج والبحر المتوسط:
إميل لودفيج – إذا – يمتلك إبداع الوصف عن استحقاق, وهو يبدو موضوعيا كثيراً, فإنه يدلي برأيه الشخصي فيما يتحدث عنه سواء تعلق الأمر بالحضارة, أم البشر, أم البحر المتوسط.
حكى لودفيج عن الحرب, والتبادل السلعي والتجاري بين المتحاربين تحت ظلام الليل, وسرد للحضارة الفينيقية التي سافرت تجارتها عبر المتوسط, وورثت أوربا أبجديتها الأولى, أو حروفها الرمزية التي أصبحت أكثر تطورا وخلودا من الحروف التصويرية, التي كانت معروفة في سومر ومصر.
شجر الزيتون والبحر المتوسط:
تحدث لودفيج كثيرا عن الزيتون الذي ينمو شجره في القدس وإسبانيا وتونس, وعدد من خصائص الزيتون الذي يعتبر شجرا متوسطياً بامتياز؛ فهو ينمو في البلاد المطلة عليه, ويعد زيته ثروة لا تضاهى ولا تقارن بها ثروة أخرى لدى سكان بعض البلاد في حقب تاريخية, وإلى الآن وشجره المعمر الذي يعيش 300 عام أحيانا يأخذ عقل لودفيج, ويستولى على قلمه, حتى إنك لتشعر أنه يكتب بغصن زيتون.
علاقة الفراعنة مع البحر المتوسط:
وما استوقفني طويلا ولفت انتباهي, وربما كنت أعرفه عن لودفيج سرده لأمم المتوسط جميعها, وتأكيده على نشاطها البحري, وحروبها, وغزوها للبلاد الأخرى, وفى الوقت ذاته أكد لودفيج على أن الفراعنة لم يخرجوا عن حدود بلادهم للغزو إلا قليلا، وخلال ثلاثة آلاف عام حكم فيها الفراعنة مصر من عمر تاريخها المسجل لم تصرح مصادرهم, ولا آثارهم ولا معابدهم, بتغلغل فكر الفتوحات ولا الغزو ولا الالتحام بأمم المتوسط, ولا أنهم فكروا في عبوره إلى الجهة الأخرى لمقارعة الإمبراطوريات, ويبدو أن المصريين كانوا ينعمون في واحة مصر المحروسة بحياة لا تجعلهم يفكرون, أو يتحفزون للدخول في صراعات على المرعى أو التجارة أو المياه أو أي شيء, لقد كان كل شيء متوفرا في مصر.
إميل لودفيج وجغرافيا البحر المتوسط:
لا تقتصر معلومات لودفيج التي يسردها أو يصفها, أو يبثها داخل ثنايا كتابه عن التاريخ فقط, بل الأمر الأكثر لفتا للنظر هو مزجه بين الجغرافيا والتاريخ, ومتابعته لكمية الأمطار وتلاطم المتوسط مع بحار أخرى, وتقسيمات جغرافية ذات علاقة مع المتوسط والبيئات الجغرافية المحيطة به, والتي تتنوع بين الشام ومصر وشمال إفريقيا وجنوب أوربا وتركيا واليونان, كلها موضع تحليل واستقرار واستنباط لودفيج, كل شيء عند لودفيج له أهمية وله مغزى.
نظرة الغرب الاستعمارية للبحر المتوسط:
أعود لأؤكد على أن نظرة لودفيج للبحر المتوسط لا تبتعد عن نظرة أساطيل أوربا وأمريكا الحربية, التي تتمركز الآن داخل مياهه, وتراقب كل حركة فيه, وليس فقط أمواج البحر المتوسط.
ملحوظة هامة كي تبقى على اطلاع دائم بجديد موضوعات جامعة المنح يمكنك الاشتراك في القائمة البريدية .