الشيطان مجموعة قصصية
الشيطان أشهر فاسق وعاص في الذاكرة الإنسانية، ويرتبط مع الإنسان في صراع وجود وخلود، فهو الذي حسده على تفضيل الله له بالسجود، وهو الذي أغواه و أنثاه بالمعصية فطرده الله من الجنة، وقد كان الشيطان ولا يزال حربا على بني آدم بعد طرده من الجنة وخلوده في النار حكما منذ الأزل.
ولطبيعة الشيطان النارية، ولكونه لا يرى وُصِف بأبشع المناظر، ونعتته البشرية بأبشع النعوت، وكرهوا ذكره، وشبهوا به كل أحد فظيع المنظر، مكروه المرأى، كثير الآثام؛ فالشيطان طماع والشيطان بخيل، والشيطان ماكر، والشيطان زانٍ، والشيطان لص، والشيطان نمام، والشيطان… إلخ.
في مجموعتي القصصية التي جعلت عنوانها الشيطان: تدور أحداث القصة الأولى حول تلك المعاني، وتلقى بظلالها على بعض قصص المجموعة, وإن كان لا يصرح بذكره، ولا تتناوله بقية القصص كرمز تناولا مباشرا.
في الفلكلور الشعبي المصري يبدو الشيطان كثيرا في صور حيوانية، وأكثر الحيوانات التي يشبه الشيطان بها في الذاكرة الشعبية تلك هو الحمار, ربما يعود ذلك إلى كثير من الصفات المشتركة بينهما؛ فالحمار أكثر الحيوانات عنادا وأحادي الفكر, ولا يرى إلا وجهة نظر واحدة، وربما كان يرى مع اتضاع مظهرة وبشاعة صوته أنه أجمل الكائنات وأحلاها، وأنه سيدها بلا منازع، وكذلك الشيطان يرى نفسه أكرم وأفضل من آدم وبنيه.
الشيطان يرى ليلا في الخيال والحقيقة شيئا مرعبا، ربما لحقيقة تأصلت في نفوس بني آدم شرعا أو ثقافة أنه لا يحب الخير لبني آدم، يضمر لهم الشر, والشيطان معروف بقدرته على التخفي كونه ينتمي إلى الجن، وهم يغيبون عن الرؤية البصرية القاصرة لبني آدم تماما مثل الملائكة، ولا يظهرون إلا في ظروف وأوضاع خاصة، وانتماؤه لعالم الغيب هذا يجعله موضعا للخوف ومادة سائلة للخرافة.
الشيطان كالحمار يرى كل شيء مباحا؛ فهو يهبط أي أرض ليأكل، ولا يتركها إلا إذا طرد؛ فالطرد مكتوب عليه منذ الأزل، هذا المعنى يجتمع في نهاية القصة مع هتافات "ارحلي أيتها الحمير.. ارحلي.. ارحلي".
الطمع إذا شيطان يدخل كل نفس فيستمكن منها, فيكون الطماع واللص والعالم حميرا لا ترى أعمالها ومعاصيها تلك إلا وفق عقيدة الطرد المستقرة منذ الأزل في نفس الشيطان كطبيعة جبل عليها، وفى نفس البشر كعقاب على آثامهم.
يظهر من خلال الغلاف الجمع بين المعنيين والصورتين، واستفادت الأستاذة/ صفاء غزال, التي قامت على رسم الغلاف مشكورة من بعض الرموز المستقرة في الوجدان الشعبي؛ بوضع قرنين للحمار الشيطان, وجعل عينيه تتقد بالنار في إشارة إلى طبيعة الشيطان النارية، وإلى صورته المستقرة في النفوس، ووجود بقية الحمير خلف الحمار الكبير لها دلالة خاصة على أن الشيطان العالم اللص العربيد الطماع له أتباع يأنسون به، تماما كما أن إبليس أو الشيطان له أتباع في عالم الواقع من الإنس والجن يدبرون مكائده ويتفانون في آثامه، ويكثرون سواده, ويقتلون ويسرقون, ويضيفون إلى قائمة الشيطان وآثامه شياطين كثيرة, وآثاما ومعاصي أكثر, تجعل ذلك الشيطان مكروها وبغيضا ومستحقا للطرد.