اليابان … والرقي (العلم والأخلاق)
اليابان دخلت مرحلة التحديث بعد مصر في القرن التاسع عشر، وأرسل الإمبراطورالياباني بعثة علمية إلى مصر لدراسة أسباب النهضةالمصرية؛ مما يعني أن اليابان بدأت نهضتها بعد مصر بسنوات، ولكنها اتخذت طريق التحديث، وتعلمت من النهضة الصناعية في ألمانيا، وكونت معها محورا خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن ثقافة الساموراي كانت لاتزال تهيمن برغبتها المستمرة في النزاع والصراع، وقد تأكد ذلك حين قام الطيارون الكيميكازى اليابانيون بعمليات انتحارية ضد قوات الحلفاء، هذا بالإضافة إلى مبادرتها الولايات المتحدة بضربة جوية على بيرلهاربور عام 1942؛ مما كان له الأثر المباشر على دخول الولايات المتحدة للحرب، وانتقامها بعد ذلك بقصف اليابان بقنبلتين ذريتين عام 1945م؛ لتضع حدا للكبرياء الياباني .
نتائج هزيمة اليابان:
بعد الهزيمة في الحرب العظمى الثانية فرضت على اليابان اتفاقية تسليم، جعلتها هي وألمانيا تدخل مرحلة التبعية العسكرية للغرب، وحولت نظامها السياسي من الإمبراطوري إلى الديمقراطية الغربية, ولكنها ظلت تحتفظ برصيدها العالي من الرقى في الأخلاق, التي وسمت الشرق كله في ذرى الصعود الحضاري في كل من: الصين وكوريا واليابان والهند.
اليوم وبعد ستين عاما من انتهاء الحرب تحتل اليابان أحد مراكز عشرة على قمة النظم التعليمية في العالم, وتتخطى الولايات المتحدة بمراحل, كما أن صناعتها ومنتجاتها الإليكترونية ذات السمعة الأرفع في العالم, ولا ينافسها في ذلك سوى الألمان, وقد بلغت حدا جعلها تتمتع بالرفاهية التكنولوجية في عيون أبناء المناطق,التي تقع في ذيل الشعوب رقيا وتطورا, حتى إن معدل تأخر القطارات سنويا يقدر بسبع ثوان فقط، وهذا يثير انتقاد اليابانيين الذين يُربوْن على قيم أساسية يتنفسونها كالهواء؛ وهي احترام الوقت, واحترام العمل, واحترام الآخر, واحترام البيئة, واحترام النظام, وسلسة من الاحترامات, تنتهي بجعل نظام الهاتف الصامت في اليابان يسمى "أخلاق".
اليابان والرقي:
ويرجح أن الشعب الياباني قد لا يتصور يابانيا واحدا يفرط في عمله, أو ينصرف دون استئذان, أو دون احترام القانون, واليابانيون يصطفون عند ركوب المواصلات دون حاجة إلى شرطي,أو مرشد أو موجه, ويتعاملون مع المشكلات بمنطلق الفكر الجماعي, وينمى نظام التعليم الياباني في الأطفال احترام قيمة التعاون, ويحث على الابتكار, واستغلال كل الظروف, والإمكانيات المتاحة, وتستغرب إذا علمت أن اليابان – مع كل هذا التحضر والرقي في الصناعة والتعليم والصحة والأخلاق وكل المجالات – لا تتمتع بأي موارد سوى الزلازل والبراكين, اللهم إلا الأسماك التي يعج بعضها بحر اليابان والمحيط الهادئ.
اليابان أصلا مجموعة جزر منفصلة, يربطها جسور ذات إمكانات عالية، ويستشعر اليابانيون المعاصرون المسؤولية القصوى تجاه ضحايا الماضي، ولا يزالون يهدون إليهم الورود في ذكراهم.
دخل الإسلام اليابان في العشرينات من القرن الماضي, وحج بعضهم البيت الحرام, وتعد القيم والثقافة والأخلاق اليابانية هي أقرب ما تكون من شعوب الأرض كلها للإسلام, كما في عادات الغذاء والكساء, التي تراعي البعد عن التبذير والإسراف, والمظاهر المبالغ فيها..هناك شعب راقٍ ومتحضر ومحترمفي اليابان.
لاتنس الاشتراك في القائمة البريدية لموقع جامعة المنح للتعليم الالكتروني .