الشاعر صلاح عبد الصبور.. الذي أعدمه الشعر
صلاح عبد الصبور شاعر مصري، يعد من أعمدة الشعر العربي الحديث وشعر التفعيلة، ولد بالزقازيق في محافظة الشرقية عام 1931، ثم انتقل إلى القاهرة في الأربعينات ليدرس اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة.
صلاح عبد الصبور كتب الشعر، وتتلمذ على يد الشيخ أمين الخولي، فور دخوله إلى كلية الآداب، وقبل انتقاله إلى القاهرة كان قد صادق عبد الحليم حافظ المطرب المصري الشهير، وألف له أغنية بعنوان (لقاء).
عاصر صلاح عبد الصبور في هذه الفترة من الأربعينات أعلام الحقبة الليبرالية في مصر، وحاول ذات مرة أن يذهب إلى مقهى ريش ليلتقي الشاعر على محمود طه المهندس صاحب قصيدة الجندول، ويروى أنه لم يستطيع التحدث معه؛ لأنه أخذته المهابة منه، فلم يكن يبدو شاعرا، وإنما عينا من أعيان الوجه البحري على حد وصفه.
كانت هذه الفترة التي نبغ فيها صلاح عبد الصبور كشاعر هي المرحلة الانتقالية بين الشعر الكلاسيكي والشعر الجديد أو الشعر الحر، أو شعر التفعيلة، كما اختلفوا فيه، فعلي محمود طه مثلا ينتمي إلى مدرسة أبولو الرومانسية، وعاش في هذه الفترة عباس محمود العقاد و طه حسين، وكانت الحياة الثقافية لا تزال ثرية.
بعد زلزال 23 يوليو السياسي والاجتماعي تبلورت أسس وأطر جديدة، وأفكار أكثر انفتاحا فيما يتعلق بالحياة الثقافية, شملت العادات والتقاليد؛ فقد انتهت وإلى الأبد الامتيازات الأجنبية وأممت قناة السويس، وصدر قانون الإصلاح الزراعي، وخلع الناس الطربوش العثماني.
ورغم كل الانتقادات التي وجهت إلى أوجه القصور التي شابت نظام ثورة يوليو, وتجاوزات الضباط فإنها بالفعل أحدثت تحولاً سياسياً واجتماعياً مشهوداً, خسر فيه من خسر و ربح من ربح.
في هذه الآونة تمخضت الكتابة الجديدة للشعر؛ فظهر الشعر الجديد متمثلا في دواوين صلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطى حجازي، وأمل دنقل، ومحمد عفيفي مطر، وفى مصر تشكل ما يعرف بجيل الستينات, الذي ظل يغذى الحياة الثقافية في مصر حتى الثمانينات والتسعينات, واعتلى منابر القيادة الثقافية في مصر مطلع القرن الحادي والعشرين.
كما كان لأمير الشعراء أحمد شوقي بك تجاربه في المسرح الشعري بدءًا، كان أيضًا لصلاح عبد الصبور استدعاءاته لمن يمثله فكره في الثقافة العربية، وقد عاصر صلاح عبد الصبور مصادرة الحريات؛ حرية الفكر وحرية السياسة وحرية الصحافة في عصر عبد الناصر، مما كان له الأثر في استخدام الممنهج للرمز.. في شخصيته الحلاج أراد أن يوجه صلاح عبد الصبور رسالة إلى المجتمع والساسة ضد منظومة الظلم والفساد.
أصدر صلاح عبد الصبور كتابه حياتي في الشعر كدليل على تبنية أفكار معادية للقديم، وداعية للتجديد، كانت ملامح شعره وشخصيته وفكره واضحة الدلالة على أستاذيته لهذا الجيل، وتمركزه في موضع القيادة منه.
وجهت لصلاح عبد الصبور اتهامات من قبل زملائه, وخاصة أحمد عبد المعطى حجازي في أعقاب موجة التطبيع مع إسرائيل، وقيل: إن ذلك سبب مضاعفات كانت السبب في وفاته عام 1981 فور عودته إلى المنزل حسب كلام السيدة زوجته, وقد نفى أحمد عبد المعطى حجازي هذا الكلام، وأكد أن الأطباء حللوا الموقف بأن تلك الأزمة كانت ستحدث حتما لصلاح عبد الصبور.