عبد الرحمن منيف.. كاتب بلا جواز سفر
عبد الرحمن منيف.. كاتب بلا جواز سفر
عبد الرحمن منيف ولد في عمان بالأردن من أب سعودي وأم عراقية, وتلقى تعليما عربيا مشتركا؛ إذ سرعان ما انتقل إلى بغداد ليحصل على ليسانس الحقوق, ولكنه طرد سنة 1955 ضمن الطلبة العرب المنتمين إلى تيارات سياسية, وجاء إلى القاهرة وحصل منها على شهادته في الحقوق, ثم سافر إلى بلجراد ليحصل على الدكتوراه في أحد تخصصات الاقتصاد, وهو اقتصاديات النفط.
تعرض عبد الرحمن منيف للنبذ السياسي نتيجة أفكاره الاشتراكية, وانتقاده المتكرر لأنظمة حكم عربية؛ منها: النظام الملكي السعودي, وخاصة بعد روايته مدن الملح, التي هاجم فيها تحولات المجتمع البدوي إلى مرحلة الرفاهية النفطية, وسُحب منه جواز السفر السعودي, وانتقل إلى بيروت في الستينات؛ حيث شارك في العمل الصحفي, ثم اتجه إلى فرنسا ليكتب فيها أعماله الروائية الأولى (مدن الملح), ثم يعود منها ويستقر في دمشق عام 1987, وحتى وفاته عام 2004م.
عبد الرحمن منيف كان خبيرا في اقتصاديات النفط, وعمل في تخصصه هذا في كثير من الشركات, وهذا أكسبه الخبرة الكافية في سوق النفط, ولكنه زاد على ذلك في تأثير اكتشاف النفط والثراء السريع الذي عاشه المجتمع الخليجي على القيم والعادات والانفتاح غير المسؤول, وسوء استخدام الثروة بحسب وصفه.
في روايته مدن الملح ينتقل عبد الرحمن منيف بين أكثر من عاصمة عربية, وتبدأ روايته برصد المجتمع البترولي في نجد, وكيف أثر اكتشاف النفط فيه عام 1933 وحتى كتابته للرواية.
اتخذ عبد الرحمن منيف موقفًا معاديا للرئيس صدام حسين ونظامه, ولكنه رفض العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 .
الهجوم على قبر عبد الرحمن منيف:
دفن عبد الرحمن منيف في دمشق بعد أن وافته المنية عام 2004, ولكن قبره تعرض لهجوم غريب في عام 2007, ولم تعرف الجهة التي هاجمت القبر, وماذا يأتيها من وراء ذلك, وما أثار الاستغراب أن رفات عبد الرحمن منيف لم تُمسّ.
شرق متوسط:
في روايته (شرق متوسط) يروي عبد الرحمن منيف قصة المعتقلات والسجون في الأنظمة العربية؛ حيث اعتبر الوطن العربي الكبير سجنا واسعا خلقه السكوت والصمت على الظلم, بشتى صنوف العذاب مع توفر النفاق والطمع والفساد, الذي جعله يستفحل ويسحل ويسجن بلا روية, وربما كانت هذه الرواية تحديدًا وراء تصاعد وتيرة الكراهية تجاه عبد الرحمن منيف.
لم يكن عبد الرحمن منيف ليهاجم نظام حكم واحد, وكان طبيعيا أن تنتقل رواياته بين أكثر من قطر في العالم العربي, وهذا كان له دوافعه؛ فالرجل ولد لأب سعودي من نجد وأم عراقية في مدينة لا تنتمي لا إلى بلد الوالد ولا إلى بلد الوالدة؛ فكان طبيعيًّا أن تمتزج لديه هذه العروبات الثلاث, هذا ناهيك عن ارتياده للجامعة في بغداد العراق شابا, ثم مصر القاهرة, ثم بيروت, ثم دمشق (المستقر النهائي), وهذا جعل عقله يستوعب توحد مشاكل العالم العربي حول فوضى الوزارات والفساد الاجتماعي والظلم, بعد وحدة اللسان والتاريخ والدين والأرض والجغرافيا والمصالح.
فهل كان محقًّا عبد الرحمن منيف؟